العهد الجديد

السبت، 5 مارس 2016

التحرر الثاني

إِنَّ التَّحَرُّرَ مِنْ قُيُودِ الْوَهْمِ مَرَّةً أوْلَى يَعُدُّ خُطْوَةً مُهِمَّةً جِدَا و أَسَاسِيَّةً نَحوَ الْعَقْلانِيَّةِ.


مِنَ الصَّعْبِ أَنْ يُصَدِّقَ المرئُ أَنَّ كَلَّ مَا كَانَ يَؤُمِنُ بِهِكَانَ كَذَبَةً فَاِتِّخَاذُ قرَار مُغادَرَةِ دِينٍ لِأَنّهُ غيرُ صَحِيحٍ وضَارٌّ أَمرٌ صَعُبٌ جِدًا، خَاصَّةً عَنْدَمَا يَعْرِفُ أَنّهُ تارِكٌلِدَائِرَةِ الرَّاحَةِ النَّفْسِيَّةِ والإطمِئنانِ وَالْأَجْوِبَةِ الْجَاهِزَةِلِلْأسْئِلَةِ الْوُجُودِيَّةِ.




لكِن هَلْ يُعَدُّ هَذَا الْخُرُوجُ كَلَّ مَا يَجِبُ عَلَى المَرئِ أَنْيَقُومَ بِهِ ؟
و إِنْ قَامَ الْإِنْسَانُ بِهَذِهِ الْمُغادَرَةِ هَلْ سَيَصْبَحُ بِمُوجِبِهَا مُوَاطِنًا صَالِحًا فِي مُجْتَمَعِهِ ؟
هَلْ الْإلْحَادُ وَ اللادينُ عُمُومًا ُيُعَدُّ صَكَّ غُفْرَانٍ لِلْلادِينِيِّ؟
كَيْفَ تَكونُ حَيَّاتُهُ بَعْدَ رِدَّتِهِ عَنْ دِينِهِ الْأَصْلِيِّ ؟ مَا هُوَالْقَادِمُ ؟



لِكَيْ نَجِيبَ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ عَلَينَا أَنْ نَعْرِفَ أَوََلَا مَنْنَحْنُ ؟
نَحْنُ الْبُشْرُ نَحْنُ الْإِنْسَانُ الْحَديثُ الهومو سابيانس،كَائِنَاتُ حَيَّةٌ تَطَوَّرَتْ مِنْ كَائِنَاتٍ أُخْرَى مُتَّصِلَةً مَعهَا فِيشَجِرَةِ التَّطَوُّرِ عَلَى ظَهْرِ هَذَا الْكَوْكَبِ، نَحْنُ الهوموسابيانس قَطَعَنَا رِحْلَةَ مَلَاَيِين السّنوَاتِ لِنَصِلَ لِمَا نَحْنُعَلَيهِ الْيَوْمَ جَسَديا و ثَقَافِيًّا.
رحلَةُ تَطَوُّرِنَا هِي نَفْسُهَا تَطَوُّرُنَا هُيَ نَفْسُهَا الْهَدَفُ مِن وُجُودِنَا التَّطَوُّرُ الرِّقَِّيُّ.

فِي الْبِدَايَةِ كَانَ رُقِيًّا جَسَدِيًّا الْآنَ أَصْبَحَ جَسَدِيًّا و فَكَرِيًّاو مُجْتَمَعِيًّا وَهِي مَرْحَلَةٌ مُتَقَدِّمَةٌ جِدًا مِنْ مَرَاحِلِ رُقِيِّالْبَشَرِ.


كُلُّ مَا يَتَنَاغَمُ مَعَ هَذَا الْأَمْرِِ هُوَ حُسْنٌ وَيَجِبُ الْقِيَامُ بِهِ،وَكُلُّ مَا هُوَ ضِدَّهُ و ضِدُّ الصَّالِحِ الْعَامِّ و الْفَرَدِيِّ هُوَ أَمَرٌّ ضَارُّ يَجُبُّ أَنْ يُحَارِبَ بِعَقْلانِيَّةٍ.



عَنْدَمَا يَتْرُكُ الْمُؤْمِنُونَ بِدِينٍ مَا إيمَانُهُمْ، تَتَمَيَّزَ مَرْحَلَتُهُمْ الْأوْلَىبِالْعَدَاءِ لِدِينِهِمْ السَّابِقِ، والإنتقاد الْغَيْرِ مَوْضُوعِي، فَيُمْثِلُ ذَلِكَ الدِّينُفِي نَظَرِهِمْ كُلَّ مَا هُوَ مُخْطِئٌ، وَهَذِهِ رِدَّة فِعْلٍ طَبِيعِيَّةٍ، لكن إِلَى مَتَىتَسْتَمِرُّ هَذِهِ الْمَرْحَلَةُ الذَّاتِيَّةُ مِنْ تَارِيخِ الْمُلْحِدِ ؟






لَاَبِدُ لِلْمُلْحِدِ مِنْ مَرْحَلَةِ تَحَرُّرٍ أُخْرَى يَتَحَرَّرُ فِيهَا مِنْ مُخَلَّفَاتِ الدِّينِ.كَلَمَّا كَانَ المرئ مُتَعَصِّبًا وَضَيِّقَ الْأُفُقِ وَمُعَاديا لِكَلِّ مَا لَهُ عَلَاَقَةٌبِالدِّينِ مِنْ قَرِيبٍ او بَعيدٍ سَوَاء كَانَ ضَارًّا أَمْ نَافِعًا، صَحِيحًا أَمْخَاطِئًا، كَلَمَّا كَانَ هَذَا المرئ مُتَكَتِّلًا بِعَقْلِيَّةٍ قَبَلِيَّةٍ فِي قَطِيعٍ جَديدٍاِسْمُهُ قَطِيعُ اللّادِينِيِّينَ كَلَمَّا كَانَ هَكَذَا كَانَ أقْرَبَ مَنِ الدِّينَ نَفَسِهِ.


كَلَمَّا كَنَّا ذَاتِيِّينَ أَمَامَ الاسلام غَيْرَ مَوْضُوعِيِّينَ تَمَامًا تَحْكُمُنَا الاحكامالْمُسَبَّقَةُ وَالْقَوَالِبُ الْجَاهِزَةُ دُونُمَا فِكْرٍ عَمِيق وَتَحْلِيلٍ نَافِذٍ، كَلَمَّا كَنَّاأَكُثْرَ قربا مِنَ الاسلام لِأَنّهُ بِبَسَاطَةٍ هَذِهِ هِي صِفَاتُ الْإِسْلَامِ.



يَعْتَقِدُ بَعْض اللّادِينِيِّينَ أَنّهُمْ بِسَبِّهِمْ لِلْإِسْلَامِ وَبِالْتَّعَصُّبِ يُكَونُونَ قَدْاِبْتَعَدُوا عَنهُ، وَلَكن هَيْهَاتَ، فَالْعَكْس تَمَامًا هُوَ الَّذِي يَحْدُثُ هُنَا، لقَدْ أَصْبَحُوا شَكْلَا آخِرِ مِنْ أَشكَالِ الإسلام وإن لَمْ يُكَونُوا مُسْلِمِينَ، إِنّهُمْيَفْكِرُونَ مِثْل الْمُسْلِمِينَ فَعلَا، يُجِيزُونَ لِأَنْفَسُهُمْ مَا يُجِيزُهُ الْمُسْلِمُونَلِأَنْفَسهُمْ، يَلْعَنُونَ الْمُسْلِمِينَ كَمَا يَلَعن الْمُسْلِمُونَ غَيْرهُمْ، يُبَارِكُونَالْجَرَائِمَ الَّتِي تَحَدث لأبرياء الْمُسْلِمِينَ( رَابعَةٌ، بُورْما، مدنيوا سورياتَحْتَ قَصْفِ الطَّائِرَاتِ...) تَمَامَا كَمَا يَفْعَل كَثِير مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَعَغَيْرهمْ.


فعلَا لقَدْ تحَرَّرُوا مِنْ الْمُعْتَقِد لَكِنهُمْ لَمْ يَتَحَرَّرُوا مِنْ الْعَقْلِيَّة وَهُنَا مَرْبَط الْفَرَس لقَدْ تَحَرَّرَت عُقُولهُمْ الْوَاعِيَة لَكن لاوعيهملَمْ يَتَحَرَّر بَعْدَ  ،هُمْ لَمْ يَتَحَرَّرُوا مِنْ عَوَائِدهُمْ السَّابِقَة.









كَيْفَ نُرِيدُ التَّحَرُّرَ مِنَ الاسلام وَنَحْنُ مُتَعَصِّبُونَ مِثْل الْمُسْلِمِينَ،نُعَامِلُهُمْ كَمَا يُعَامِلُونَ هُمْ الْكُفَّارَ بَدينَهُمْ، لَا أَقْصِدُ أَنّنَا نَقْتُلُ مَثَلًا لِكَنَّنِيأتحدثُ مِنَ النَّاحِيَةِ الْفِكْرِيَّةِ، سَيَقُولُ الْكَثِيرُونَ إِنْ الْمُسْلِمَ يَقْتُلُفَكَيْفَ تُرِيدَني أَنْ أكونَ عَقْلانِيًّا، الْجَوابُ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ هُوَ( إِنَّالدِّينَ تَعَصُّبٌ وَاللّادِينِيَّةُ عَقْلانِيَّةٌ فَاِخْتَرْ أَيَّ جَانِب تَنْتَمِيَ إلَيْهِ) هَلْسَيَنْتَصِرُ عَلَيكَ الاسلامُ مرَّةً أُخْرَى حَتَّى بَعْدَ أَن خَرَجْتَ مِنهُ ؟ بِأَنْيَجْعَلَكَ ذَاتِيًّا ؟ هَلْ سَيَنْجَحُ فِي جَعلِكَ مُتَعَصِّبًا مُتَشَدِّدًا وَأَنْتَ مُلْحِدٌ؟ هَذَا هُوَ التَّحَدِّي فَهَلْ سَيَنْجَحُ ؟




عَنْدَمَا نَتَعَرَّضُ لِلْهُجُومِ فَلَاَبُد أَن نُدَافِعَ عَنِ أَنْفُسِنَا وَهَذَا لَيْسَ تَعَصُّبًا،وَلَيْسَ هُوَ مَا أَتَطَرَّقُ الَيْهِ هُنَا، لكن فِي نِقَاشَاتِنَا و جِدالَاتِنَا و أَحكامنايَجِبْ أَن نُكَوِّنُ لادِينِيِّينَ لَا ان نَكُونَ مُتَعَصِّبِينَ لِأَنَّ التَّعَصُّبُ وَالتَّشَدُّدَوَضَيْقُ الْأُفُقِ يَتَعَارَضُونَ مَعَ جَوْهَر اللادين.

هُنَا تَأْتِي الْمَرْحَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهِي مَرْحَلَةُ التَّحَرُّرِ الثَّانِي تَحَرُّرٌ عَنْ جَوْهَرالدِّينِ لَا عَنْ مَظْهَرِهِ فَقَطْ، تَحَرُّرٌ مِنَ الذَّاتِيَّةِ مِنَ الأحكامِ الْمُسَبَّقَةَ مِنَالْعَقْلِيَّةِ الْقَبَلِيَّةِ مِنَ الْعُنْصُرِيَّةِ.


- لَا تَكُنْ ذَاتِيَّا إذا كَانَ الْمُسْلِمُ ذَاتِيًّا( هَذِهِ صِفَاتُ اِتِّبَاعِ الْأَدْيَانِ بَيْنَماأَنْتَ لَادِّينِي)
- لَا تَكُنْ مُتَعَصِّبًا إذا كَانَ الْمُسْلِمُ مُتَعَصِّبًا( فَذَلِكَ يَتَعَارَضُمَعَ روحِ اللّادِينِيَّةِ)
- لَا تَكُنْ مُتَّبِعًا لِلنَّقْلِ إِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ مُتَّبِعًا لِلنَّقْلِ!

وَهَلْ الْمُلْحِدُ قَدْ يَتْبَعَ نَقْلًا ؟ نَعَمْ إِنّهُ قَدْ يَفْعَلُ، قَدْ يَتْبَعَ كَلَاَمُ الْجَمَاعَةِكَلَاَمِ قَطِيعِهِ الثَّانِي يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَاتِهِمْ دُونَما اِقْتِنَاعٍ، أَوْ قَدْ يَتْبَعُكَلَاَمَ كبَارِ الْمُفَكِّرِينَ الْمُلْحِدِينَ، إِنّهُ نَفْسُ نُوعِ الْعُبُودِيَّةِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَلِمَشَايِخِهِمْ، إِنْ لَمْ أَكُنْ مُخَالِفا لِتَصَرُّفَاتِ الْمُسْلِمِينَ فلاينفع أَنْ أَدَّعِيَأنني اِرْتَدَدْتُ عَنِ الاسلام. إِنَّ هَذَا التَّحَرُّرَ سَهْل يَحْتَاجُ فَقَطْ لِعُمْقِنَظَرٍ و بَصيرَةٍ.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق